قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الخميس، إنَّ العراقيين يلقون باللوم على الإجراءات الأميركية التي تهدف إلى الحد من التحويلات النقدية إلى دول خاضعة لعقوبات مثل إيران، في إضعاف قيمة العملة المحلية.

وأفاد مسؤولون أميركيون وعراقيون بأنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بدأ في نوفمبر الماضي بفرض قيود أكثر صرامة على التحويلات الدولية بالدولار للبنوك العراقية التجارية، في خطوة “تهدف للحد من غسل الأموال والتحويل غير القانوني للدولار إلى إيران وغيرها من الدول التي تخضع لعقوبات شديدة”.

وكانت البنوك العراقية تعمل بموجب قواعد أقل صرامة منذ الغزو الأميركي عام 2003 الذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين. ولكن بعد ما يقرب من عقدين، قال مسؤولون أميركيون وعراقيون، إنهم قرروا أنَّ الوقت قد حان لجعل النظام المصرفي العراقي يمتثل لممارسات تحويل الأموال العالمية.

ومنذ دخول الإجراءات حيز التنفيذ، تم حظر 80% أو أكثر من التحويلات الإلكترونية اليومية بالدولار في العراق، والتي بلغ مجموعها في السابق أكثر من 250 مليون دولار في بعض الأيام، بسبب عدم كفاية المعلومات حول وجهات الأموال، أو أخطاء أخرى، وفقاً لمسؤولين أميركيين وعراقيين وبيانات حكومية عراقية رسمية.

وقال محمود داغر، رئيس مجلس إدارة “مصرف الجنوب الإسلامي” والمسؤول السابق في البنك المركزي العراقي: “كنا نسير وفق النظام نفسه لمدة 20 عاماً، لكن سياسة الصدمة التي انتهجها مجلس الاحتياط الفيدرالي أحدثت أزمة داخل الاقتصاد العراقي”.

الاعتماد على الدولار

وتجسد هذه الاضطرابات، وفقاً للصحيفة، العلاقة الحذرة والمتشابكة بين واشنطن وبغداد. فمنذ أن ساعدت الولايات المتحدة في إنشاء البنك المركزي العراقي في عام 2004، أصبح الدولار الأميركي إلى حد كبير العملة الرئيسية للبلاد، لأنَّ الكثير من الاقتصاد يعمل على النقد.

وللحفاظ على تزويد العراق بالدولار، تقوم طائرات بتسليم كميات كبيرة من العملة الأميركية إلى بغداد كل بضعة أشهر.

لكن عدداً أكبر بكثير من الدولارات يتدفق إلكترونياً في معاملات البنوك الخاصة العراقية، التي تعالج من الحسابات الرسمية للعراق في بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك، حيث تودَع عائدات مبيعات البلاد النفطية.

ويقول مسؤولون أميركيون إن القواعد الأكثر صرامة للتحويلات الإلكترونية بالدولار من قبل البنوك الخاصة العراقية، لم تكن مفاجأة للمسؤولين في بغداد، إذ تم تنفيذها بشكل مشترك في نوفمبر بعد عامين من المناقشات والتخطيط من قبل البنك المركزي العراقي ووزارة الخزانة الأميركية وبنك الاحتياط الفيدرالي.

وأضاف المسؤولون الأميركيون أن الارتفاع في سعر صرف الدولار لم يكن بسبب الإجراءات الجديدة.

لكن التدقيق في المعاملات الدولارية أثار تدافعاً على الدولار في العراق، وسيلاً من الانتقادات من المسؤولين والمصرفيين والمستوردين العراقيين الذين يلقون باللوم على النظام الجديد في هزة مالية غير ضرورية أدت إلى تفاقم مشاكلهم الاقتصادية الحادة بالفعل.

إحراج للحكومة

وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي تولى منصبه في الوقت الذي بدأت فيه العملة في الانخفاض، إن تصرف مجلس الاحتياط يضر بالفقراء ويهدد ميزانية حكومته لعام 2023.

وأضاف في مقابلة مع الصحيفة: “هذا أمر محرج وحاسم بالنسبة لي”، مشيراً إلى أنه سيرسل وفداً إلى واشنطن الشهر المقبل، مع اقتراح بوقف السياسة الجديدة لمدة ستة أشهر.

وكان بعض كبار المسؤولين العراقيين الذين تربطهم علاقات بإيران أكثر انتقاداً. وقال هادي العامري، رئيس “تحالف الفتح” المدعوم من طهران، للسفير الفرنسي في اجتماع عقد في 10 يناير: “يعلم الجميع كيف يستخدم الأميركيون العملة كسلاح لتجويع الناس”، وفقاً لرواية صادرة عن مكتب العامري.

وبموجب الإجراءات الجديدة، يتعين على المصارف العراقية تقديم تحويلات بالدولار على منصة جديدة على الإنترنت مع البنك المركزي، والتي تتم مراجعتها بعد ذلك من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي.