سعد الاوسي
الى اخوتي في الاطار التنسيقي، على ذكرى العهد الذي تعاهدنا به
الى من يهمهم الامر منهم، اذا كانوا مايزالون مهتمين بالامر :
ذات يوم كنت صوتكم البشير الذي حمل قضيتكم ومبادئكم وشعاراتكم وشارككم السعي في الصراع الانتخابي المرير ثم بعد ذلك احتفى بنصركم وفرحكم حالماً بغدٍ عراقيٍّ أبهى وأجمل كما وعدنا الناس، ودولة نعيد لها كامل هيبتها وحضورها وكينونتها، دولة قانون وعدالة ومساواة وصلاح وامانة، كي نعيد ثقة المواطن بوطنه ومستقبله.
وانا اليوم صوتكم النذير الذي يقف فوق ركام خيبة الامل والاحباط والكساد الاقتصادي والخدماتي والجفاف القاتل الذي ينشب اظافره في رقبتي الرافدين شبه الميتين بعد ان قطعت اوصال منابعهما من دول الجوار ، والشتات والقطيعة بيننا وبين شركائنا السياسيين و الانانية والطمع والاستئثار والتفرد بالحكم ليس لشئ سوى حرمان الآخر من استحقاقه وهو الاخ والشقيق والشريك ، والثأر منه لان له رؤيةً ورأيا آخر يختلف عنا !!!!
نعم انا صوتكم النذير الذي ينفخ في بوق التنبيه والتحذير والنصيحة (على ثقلها وكراهتها)، لاقول لكم وانا اخوكم وصاحبكم والسيف الذي كان في يمينكم عندما كانت الوعود والمبادئ والشعارات التي رفعناها راياتٍ لمعركتنا الانتخابية غير التي آلت اليه بعد ان صار صولجان الحكم بأيدينا (عذراً) اعني بأيديكم القابضة عليه بيد من طمع وحرص لاتقبل تحت اي سبب موجب او ذريعة ساطعة او استحقاق مؤكد ان تشرك فيه احد حتى ولا في وشله او فتاته.
اقول لكم اليوم كما كنت اقول في الامس القريب في اغلب جلساتي اليكم قادةً وحاشية ومقربين وقواعد بالكلمة المباشرة الصريحة :
ان الصدريين اخوتنا وشركاؤنا ورفاق درب النضال الطويل، وان استحقاقهم الذي تجاهلناه هو ربع البرلمان ب 75 مقعدا، يمنحهم يداً طولى وحصة كبرى في ادارة البلد التنفيذية، كما ان قاعدتهم الجماهيرية الهائلة وقدرتهم اللوجستية على حشدها وتحريكها في اوقات قياسية جدا لها استحقاقها المؤكد الآخر على الارض، واننا مهما اردنا وفعلنا لن نستطيع ان نمحو او نهمش او نضع على رفوف النسيان قوة سياسية وجماهيرية وعسكرية وقبلها زعامة دينية كبرى تعدّ اعلى اعلام التاريخ الديني السياسي في العراق، حتى ولا بالحجة الواهية التي ندعيها وشعار تحييد وعزل الجهاز الحكومي عن التأثير الحزبي.
الثأر السياسي يا اخوتي الذين ستغضبون الآن من خطابي هذا، لا يقل ضررا واذى ومصيبة من ثأر الدم، بل يزيد عليه بكثير، لأن ثأر الدم ربما طال فردا او اثنين او ثلاثة، انما الثأر السياسي ربما سيطيح ببلد كامل وشعب تعداده 40 مليون انسان برئ ليس لذنب سوى انه وثق بنا واعطانا صوته كي نمثله ونقود شؤون حياته ونحفظ امنه وامانه.
وان امثلة الاستئثار والتفرد بالحكم التي احذركم اليوم منها، قد انتجت في التاريخ البعيد والقريب كوارث و هزائم وخسائر عميمة دفع ثمنها الجميع بلا استثناء، سواء كان مرتكبوها او اندادهم او شعوبهم او حتى دول جوارهم، لذلك اوجبت جميع الاديان والشرائع والقوانين ضرب يد من يمارسها او يريدها او يدعو ويسعى لها او حتى من يحلم بها في منامه لانها باب جحيم الفتنة والخراب .
وقد قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وآله في سنته قولا فصلاً حازما حاسماً في هذا الشأن:
((فعن عرفجة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله يقول: من أراد أن يفرّق أمر هذه الأمة وهي جميع؛ فاضربوه بالسّيف كائنًا من كان.))رواه مسلم.
وربما كانت تجربة الاخوان المسلمين في مصر خير مثال ودرس لمن اراد التعلم والاتعاظ من التاريخ، حين وصلوا للحكم عام 2012 بعد طول عطش ونضال وسعي اليه، فكان ان استحوذوا على كل مفاصل الدولة بكافة مناصبها وحرموا جميع الشركاء والانداد من اية حصة او مشاركة في السلطة والحكم تشريعيةً وتنفيذية وقضائية انتقاما وثأراً من تاريخ صراعهم الطويل، فقامت الثورة الشعبية العارمة ضدهم، خرجت فيها عشرات الملايين الى الشارع بعد ان احسوا ان حاكميهم الجدد يريدون التفرد ومصادرة ارادة الجميع وصناعة دكتاتورية الحزب او الجماعة على حساب الآخرين والغاء مبدأ تداول وتشارك السلطة ، وكانت نتيجة ضيق رؤيتهم وجشعهم للسلطة ان أطيح بهم بعد شهور قلائل من الحكم الحلم الذي انتظروه وحلموا به اكثر من نصف قرن، كجزاء وفاقٍ عن غبائهم السياسي وتعنتهم وعنادهم.
انفخ في بوق التنبيه مرة اخرى وعلى رؤوس الاشهاد هذه المرة كي ابرئ ذمتي امام الله والوطن والشعب من الانفجار المحتوم الذي سيحدث قريبا جدا والذي اراه حاصلاً لامحالة.
فالصدريون وبعد ان اعجزناهم عن تشكيل الحكومة ((وهو امر مشروع الى حد ما في الصراع السياسي لكن غير المشروع الذي فعلناه هو حرمانهم شبه التام من المناصب الحكومية التي يستحقونها مشاركةً في ادارة البلد)). قرروا الانسحاب من البرلمان واستقالة نوابهم ال 75، والجلوس جانبا لمراقبة ماذا سيحدث وماذا سنفعل نحن اندادهم وشركاءهم في الوطن والمصير…(( اقصد انتم ))….!!
وكانت كل المعطيات والاعراف السياسية التي تعودنا عليها عبر عشرين عاما من الحكم تحتم علينا ان نعطيهم حصتهم في المناصب الحكومية كي لا يشعروا بالغبن والخسارة وهم الفائزون الأوائل في الانتخابات، ومقاعدهم تمثل اكثر من مليوني ناخب، وتعدل ربع الشعب العراقي تحت قبة البرلمان، فهل نملك حق ان نخرس اصوات ربع الشعب العراقي او نتجاهله ونهمشه وننتقم او نثأر منه…… ؟؟؟؟!!!!!
للتاريخ لابد ان اذكر هنا ان السيد نوري المالكي هو الاستثناء الوحيد من الاطار الذي كان يقول لي في اكثر من لقاء وجلسة ومراسلة ان قلبه قبل يده مفتوح لهم في حال كانت لهم ذات الرغبة في التواصل والتعامل والتحالف والاتفاق.
اليوم ونحن نوشك ان نذهب الى انتخابات مجالس المحافظات وانا اشك في اقامتها اذا لايمكن اجراء اي انتخابات سواء مجالس محافظات او برلمان الا بمشاركة التيار الصدري للاسف مايزال الطامحون بل الطامعون (منّا او بالاحرى منكم فانا لست معكم) يسعون للمضي قدما فيها دون مشاركة الصدريين اتماماً للفصل الاخير من عملية عزلهم وتهميشهم وحرمانهم من المشاركة الفعلية بالسلطة والحكم…..!!!!!
ويتخيلون او يتوهمون ان هذا الامر يمكن ان يمر بسهولة وسلاسة وصمت….!!!!
وانا اقول لهم صارخا في ذات الصوت المنذر المذبوح خوفاً على شعبه ووطنه :
انكم تقودوننا نحو الكارثة المحتومة
وان الآتي قاتم معتم مظلم لن تحمد عقباه ابدا
وان البركان على وشك الانفجار وقد بدأ صوته يدمدم ويصم الآذان
وان الصدريين قادمون بغضبهم الذي يشبه الطوفان العارم كي يغرقوا ويزلزلوا العملية السياسية كلها ويطيحوا بالشركاء الانداد الذين حرموهم من حقوقهم واستمرأوا ذلك فاوغلوا فيه، وان الثورة الشعبية الهادرة الكبرى على الابواب وانها لن تبقي ولن تذر وسيعم الخراب ولن ينفع الندم واللوم والأسف على ماكان يمكن تداركه وعدم حدوثه بقليل من الحكمة والعدالة والايثار وضبط هوى النفس المتهافتة على السلطة و مفاسدها اللعينة.
اخوتي الكبار الكرام قادة الاطار التنسيقي
ارجو منكم ان تقرأوا الاشارات الصدرية المبكرة التي بدأت شراراتها الاولى تقدح هنا وهناك، بعد ان بدأ قادتهم وهم بلا عناوين رسمية يتحركون بثقلهم الشعبي لرد المظالم وملاحقة الفاسدين المفسدين في الارض استجابة لنداءات الشعب المستنجد بهم، وهو قاعدتهم الكبرى التي لا ينافسهم عليها منافس، وقد استجابوا من فورهم ووعدوا الناس امام عدسات الكاميرات انهم سيضربون على يد الفاسد (بقوة) كائنا من يكون ومهما بلغت الجهة الحكومية او الحزبية التي تبسط عليه حمايتها !!!!.
وهي اشارة واضحة سيكون مابعدها اشارات اكبر واخطر بكل تأكيد، وربما سيستخدم الصدريون يدهم (الحديدية) حتى من دون عنوان او صفة حكم رسمية لتحقيق العدالة وانصاف المظلومين ، لانهم يعرفون ان الشعب مصدر سلطتهم هو المصدر الاول لكل السلطات وانهم بقوته يَرفعون ويَخفضون ويُسقطون ويُنجحون،
وان خطوة الانسحاب من البرلمان التي اقدموا عليها والتي كان يجب ان يعقبها تصرف موضوعي عقلاني من الطرف الاخر باعادة حقوق ماجرى الاستقالة منه بطرق اخرى تطفئ نيران الخلاف وتطيّب الانفس وتديم عمران البيت السياسي العراقي، ولم يحصل ذلك، لن يخصعوا لخيبتها الجائرة وسيعيدون استحقاقهم الى نصابه، وربما اكثر بكثير هذه المرة بعد ان لاذ الشعب بهم واصطف وراءهم بسبب الاحوال البائسة التي اوصلناه اليها والوعود الباطلة التي لم نحققها له.
فما فائدة اعادة هيبة الدولة المزعومة والشعب يموت جوعا وقهرا ومرضا وعطشا ومعاناة بسبب قلة الخدمات والكساد الاقتصادي الذي يخيم على الحياة العراقية وازمة الكهرباء التي لاتنتهي والطامة الكبرى موشكة الحدوث بجفاف نهري دجلة والفرات جفافاً شبه تام ان لم يكن تاماً بالفعل.
الوقت قصير جدا
والبركان الصدري بدأ يخرج حممه الأولى
واسد الكوفة الهصور يتململ في عرينه
فسارعوا اليه
ومدوا له اكف التصالح والتوافق والتحالف والتشارك الذي يستحقه
واحفظوا ماءً ودماً غاليين يوشكان ان يُهدرا.
ماء وجه العملية السياسية التي ستتهاوى وتسقط وتزول وتتبدل اركانها ووجوهها وربما جميع مناهجها ودستورها
ودم العراقيين الذي يوشك ان يسيل في صراعٍ عبثي
وتذكروا دائما ان لهذا الاسد براثن من حديد ونار فلا تأخذكم العزّة بقوة السلطة واذرعتها المسلحة، لان كل الحسابات تشير الى ان المنتصر الاكيد هو ذلك الذي يقف معه الشعب
فانظروا حولكم
هل انتم اولئك…. ؟؟؟!!!
وقد حذّرت وبلّغت وصرخت وابرأ الى الله مما سيكون بعد ذلك